السبت، 20 ديسمبر 2014

استراتيجية التخيل الموجه

مقدمة

الخيال هو قرين الإبداع وقاعدته التي ينتصب عليها ، فلا إبداع من دون خيال ،وتولد الأفكار الإبداعية وتترعرع وتصل إلى مرحلة النضج عندما تتربى في بحر من الخيال ، الذي يصقلها ويزينها ويطورها، كما أن الخيال يوحي للمبدع بالسبل التي يمكن أن يسلكها كي ترى فكرته النور ، والخيال عملية بنائية تتكامل فيها الخبرات السابقة والصور المخزنة مع المثيرات الحالية التي تحيط بالفرد ، ومع التوقعات المستقبلية لتخرج بكل جديد وفكرة مبتكرة.


ربنا عز وجل أنعم علينا بنعمة عظيمة ،ألا هي نعمة تخزين وتصنيف الصور ، والقدرة على المطابقة والتعرف على الأشياء اعتماداً على ما تم تخزينه ،وإلا اضطررنا إلى إعادة التعلم مرات ومرات .

من هنا جاءت استراتيجية التخيل الموجه التي تقوم على صياغة سيناريو تخيلي ينقل المتعلمين في رحلة تخيلية ، ويحثهم على بناء صور ذهنية لما يسمعونه ، ويتم توجيه المتعلمين لبناء صور ذهنية غنية ، ويتم العمل على التكامل بين الحواس الخمس ،فيتم دمج الرائحة والمذاق والإحساس والملمس والصوت داخل الصورة الذهنية التي يتم بناؤها. (سعيدي؛البلوشي ،2008،ص324،323)




التخيل كاستراتيجية تدريسية

من السهل على كل إنسان أن يتخيل ، بل نحن نمارس فعلياً التخيل عدة مرات في اليوم الواحد ، وهناك فرق بين شخص واسع الخيال يرتاد آفاق بعيدة ، وبين شخص واقعي لا يذهب بعيداً .
إن الطلبة يمارسون نوعين من التخيل ، الأول هو التخيل المشتت الذي يقود الطالب إلى أحلام اليقظة ،والثاني هو التخيل الإبداعي الذي يقود الطالب إلى رسم لوح فني أو إبداع قصيدة أو حل مسألة .
إن المطلوب في المدرسة هو التخيل الإبداعي المنتج ،والمطلوب من المعلم أن يكون واسع الخيال ليقوم طلابه بتخيلات إبداعية ، وهكذا يكون التخيل استراتيجية في التدريس الإبداعي . (عبيدات ؛أبو السميد،2011 ،ص216)

أهمية التخيل كاستراتيجية تدريس

إن البيئة الواقعية تغرقنا في تفاصيل بحيث لا نستطيع الانفصال عنها ، وإن الابتعاد عنها والانفصال قليلاً يسمح لنا بالتحليق في آفاق جديدة لم تك ببالنا ، وقبل أن نتحدث عن التخيل كاستراتيجية في التدريس ، لابد من توضيح أهمية التخيل واستخدامه في العمل الصفي :
1ـ يثير مشاركة فاعلة وحقيقية من الطالب، فإن الطالب حين يتخيل نفسه شاعراً أو سجيناً أو نقطة زئبق أو بذرة قمح فإنه سيصبح طرفاً فاعلاً في سلوك هذه الأشياء .
2ـ إن ما نتعلمه عبر التخيل هو أشبه بخبرة حية حقيقية من شأنها أن تبقى في ذاكرتنا .
3ـ التخيل يعلمنا معلومات وحقائق وعلاقات ،ولكنه أيضاً مهارة تفكير إبداعية يقودنا إلى اكتشافات وطرق جديدة.

         4ـ التعلم التخيلي ،تعلم إتقاني لأننا نعيش الحدث ونستمتع به كما أنه يستفز الجانب الأيمن من الدماغ ،إضافة إلى الجانب الأيسر.( عبيدات ؛أبو السميد،2011، ص216)



ويمكن تمنية التخيل لدى الأفراد عن طريق التعلم والتدريب الموجه وفق المراحل متدرجة على النحو التالي :

                أ‌-  التعلم بالواقع :
ويقوم هذا التعلم على استخدام الخبرات المرتبطة بالواقع ومعالجته والتفاعل معها والتعرف على خصائصها واللعب بها ،وأن التعلم الذي يؤدي إلى حرمان المتعلم من هذه الخبرات الواقعية يحد من تصوراته الإدراكية والمفاهيمية المعرفية فيما بعد.
              ب‌-  التعليم بالواقع لإثارة التصور والمفاهيم المعرفية :
ويتم التعلم عن طريق تقديم خبرات للمتعلم واقعية محسوسة لاستخدام البيئة ومناسبة لقدراته المعرفية ، وفي هذا التعلم يتم استخدام خبرات واقعية مرتبطة بحواس المتعلم.
              ت‌- التعلم بالصور لإثارة التصور المفاهيمي المعرفي:
ويتم التعلم هنا عن طريق استخدام الصور المادية واستعمال الوسائل المعينة على ذلك مثل :المجسمات والعينات والخرائط والرسوم والشرائح والأفلام وغيرها.
             ث‌- التعلم بالتأمل لإثارة التصور والمفاهيم المعرفية:
حيث يتم التعلم عن طريق تدريب المتعلمين على التخيل الموجه للأشياء وتمثيلها بالكلمات والحروف أو الرموز وتدريب الأفراد على التأمل والتصور العقلي وتحسين الأفكار التي تساعد على نمو المفاهيم العلمية لديهم.
            ج‌- التعلم بالتأمل المجرد :
 يسود تفكيرهم التفكير المجرد ، ويكون بمقدورهم تحديد الصور التي تمكنهم من تمثيل المعلومات بها. ( بلجون،2009،ص52،51)

أهداف استرتيجية التخيل الموجه

1.    تنمية قدرات التخيل ثلاثي الأبعاد والتفكير الفراغي .
2.    تقريب المفاهيم المجردة ،والعمليات الدقيقة للظاهر المختلفة .
3.    الدخول في عوالم الذرات والجزيئات ودقائق تكوين المادة .
4.    زيادة قدرتهم على التفكير في كثير من الظواهر بنظرة عميقة والبحث عن تفسير مبني على العلاقات بين التكوينات الدقيقة للمادة .
5.    متعة حقيقية للمتعلمين يتم تطبيقها من فترة لأخرى لتضفي نوعاً من التغيير على تدريس المادة العلمية.
6.    تنمية قدرات ما وراء المعرفة ، كالتحكم في الانتباه والتركيز والتفكير ي التفكير.
7.    تمرين المتعلمين على صفاء الذهن وتبديد القلق.
8.    إثراء الصور الذهنية للمتعلمين والتي تعتبر أساساً لتوليد الأفكار الإبداعية.
9.    تفعيل المنحنى التكاملي في التدريس بدمج العلوم مع المهارات اللغوية كالكتابة الإبداعية ومهارات الرسم والتصميم .
10.  الكشف عن التنوع الكبير في المخزون الصوري لمختلف المتعلمين بهدف الفروق الفردية.
11.  الكشف عن قدرات كامنة لدى المتعلمين لا تكشفها اختبارات الورقة والقلم والطرق التقليدية للتدريس.
12.  تنمية دافعية المتعلمين للتعلم بتغيير الروتين وإعطائهم إحساساً بالمخزون الهائل للصور الذهنية التي يختزنونها.
13.  تغيير الروتين الصفي.
14.  المساعدة في صفاء الذهن وتبديد القلق.
15.  تنمية الذكاءات المتعددة : الذكاء البصري الفراغي ،الذكاء اللغوي ، الذكاء الحركي، الذكاء الذاتي، الذكاء الاجتماعي . (سعيدي؛البلوشي ،2008،ص325،324)

مزايا استرايجية التخيل الموجه

1.    يتم تحفيز الطلاب لتوليد صورة ذهنية خاصة بهم من موضوع الدرس .
2.    يكون الطلاب صوراً ذهنية مباشرة حول الأفكار والمفاهيم تساعدهم على تذكر المعلومات.
3.    هذه التقنية مفيدة لهم ومحفزة ويصبح الطالب أكثر تهيئة قبل تقديم الدرس من قبل المعلم .
4.    مناسبة لجميع المراحل التعليمية ولأي محتوى من محتويات المادة الدراسية.
5.    تراعي اهتمامات الطلاب البصريين وتجعلهم أكثر فاعلية أثناء القراءة .( الشمري،2011،ص110)

إن ممارسة التخيل واستخدامه في الفصل يتطلب توفير عدد من الشروط مثل:

    1.    يمارس التخيل في مكان مريح ،هادئ الألوان والإنارة بعيد عن الصخب والضجة .
    2.    يتطلب توفر وقت كاف يتلاءم مع موضوع التخيل ، علماً بأننا نستطيع أن نمارس التخيل في جزء من الدرس،حسب أهدافنا.
    3.    يتطلب التخيل وجود مرشد يقود هذا التخيل ، ويعطي توجيهات في أثناء التخيل ، للإنتقال من مرحلة إلى أخرى ومن وضع إلى آخر.
    4.    يدرب الطلبة ويضعهم في مواقع يمكن أن يتخيلوا فيها.
    5.    ربما يحتاج التخيل إلى وضع مريح ، يسترخي فيه الطالب وقد يغمض عينية في أثناء التخيل.
    6.    كما يحتاج الطالب إلى أن يفرغ ذهنه تماماً ، ويفكر في موضوع التخيل.( عبيدات ؛أبو السميد،2011، ص216)



خطوات تنفيذ استراتيجية التخيل الموجه : (سعيدي؛البلوشي ،2008،ص334،333،332)


    1-    إعداد سيناريو التخيل :

يقوم المعلم بإعداد سيناريو للتخيل، ويراعي فيه الشروط التالية :
أ‌)       تكون الجمل قصيرة وغير مركبة بشكل يسمح للمتعلم ببناء صور ذهنية ، فالجملة المركبة قد تحمل مخيلة المتعلم فوق طاقتها بشكل لا يمكنه من بناء الصور الذهنية وقد يؤدي ذلك إلى عدم تمكنه من متابعة النشاط .
ب‌)  تستخدم كلمات بسيطة وقابلة للفهم وفي مستوى المتعلمين، الإبتعاد عن الكلمات التي يصعب على المتعلمين فهم معانيها ، والتي قد تحدث تشويشاً على عملية التخيل وقد تؤدي إلى إنقطاع حبل توليد الصور الذهنية .
ت‌)  يستحسن تكرار الكلمة عدة مرات إذا احتاج الأمر .
ث‌)  وجود وقفات مريحة بين العبارات ليتمكن المتعلمون من تكوين صور ذهنية لهذه العبارات .
ج‌)    وقفة حرة قصيرة يترك فيها المجال للمتعلم أن يسبح بخياله في عوالم يختارها بنفسه ليكمل المرحلة التخيلية التي بدأها معه المعلم .
ح‌)    مخاطبة مختلف الحواس ، وذلك بصياغة جمل تخاطب السمع والبصر والشم والتذوق والإحساس بالحرارة والملمس وغيرها.
خ‌)    الابتعاد عن الكلمات المزعجة مثل "طاااااخ" لأنها قد تقطع حبل الصور الذهنية لدى المتعلمين .
د‌)      عودة تدريجية إلى الغرفة.
ذ‌)      تجريب السيناريو قبل تنفيذه وذلك للوقوف على العبارات التي لم تنجح في استثارة الصور الذهنية لدى المتعلمين .

    2-    البدء بأنشطة تخيلية تحضيرية :

وهي عبارة عن مقاطع قصيرة لموقف تخيلي بسيط تنفذ قبل البدء بالنشاط التخيلي الرئيسي وهدفها مساعدة المتعلم للتهيؤ ذهنيا للنشاط التخيلي الرئيسي ولتمكين المتعلمين من التخلص من المشتتات التي تمتلئ بها مخيلاتهم والتي أحضروها معهم قبل دخول غرفة الصف .


    3-    تنفيذ نشاط التخيل :

أ‌)       تهيئة المتعلمين بتعريفهم بنشاط التخيل وبيان أهميته في تنمية قدرات التفكير لديهم ،وطلب منهم الهدوء والتركيز ومحاولة بناء صور ذهنية لما سيستمعون إليه ، إن كثيراً من المعلمين يتسرعون في البدء في النشاط التخيلي .
ب‌)  الطلب من المتعلمين أخذ نفس طويل ثم غلق أعينهم .
ت‌)  القراءة بصوت عال وبطيء .
ث‌)  الوقوف في مقدمة الفصل ، وتجنب الحركة الزائدة أثناء الإلقاء حتى لا يشتت ذلك المتعلمين ويمنع تكون الصور الذهنية لديهم .
ج‌)    إعطاء كل وقفة حقها .
ح‌)    تجاهل الضحكات البسيطة هنا وهناك في أول مرة يتم تطبيق الطريقة فيها، إن هذه الضحكات البسيطة ستبدأ في الإختفاء شيئاً فشيئأً.
خ‌)    من جاء متأخراً ينتظر خارج الباب.

   4-    الأسئلة التابعة :

بعد تنفيذ النشاط الرئيسي يقوم المعلم بطرح عدد من الأسئلة على المتعلمين ويطلب منهم الحديث عن الصور الذهنية التي قاموا ببنائها أثناء التخيل ،ويتم اتباع التعليمات التالية :
أ‌)       إعطائهم وقتاً للحديث عما تخيلوه.
ب‌)  طرح أسئلة عن الصور التي قاموا ببنائها وليس عن المعلومات التي وردت في السيناريو، وإلا فإنهم سيركزون ما ورد في السيناريو حرفياً.
ت‌)  الترحيب بكل الإجابات والتخيلات.
ث‌)  محاولة التقليل من مستوى القلق عندهم إلى أدنى مستوى.
ج‌)    السؤال عن جميع الحواس هل عايشوا روائح معينة أو ألواناً معينة أو شعوراً بالحرارة أو البرودة أو تذوقوا شيئاً معيناً .
ح‌)    كتابة أو رسم الرحلة التخيلية وذلك بالطلب من المتعلمين كتابة أو رسم ما عايشوه في الرحلة التخيلية على شكل قصة ،يعبرون فيها عن الصور الذهنية التي مرت عليهم في أثناء رحلتهم التخيلية.


هناك 9 تعليقات:

  1. استراتيجية جيدة ولكن تحتاج تمكن من المعلم ومهارة في ادارة الصف خلال عملية التدريس بهذه الاستراتيجية

    ردحذف
  2. استراتيجية جيدة ولكن تحتاج تمكن من المعلم ومهارة في ادارة الصف خلال عملية التدريس بهذه الاستراتيجية

    ردحذف
  3. استراتيجية جيدة لتدريس الفيزياء ولكن تحتاج الوقت المهارة العالية لتطبيقها داخل غرفة الصف

    ردحذف
  4. فعلا الاستراتيجية تحتاج تمكن ومهارة في قيادة الموقف التعليمي أثناء التخيل, لكن مع الممارسة والتكرار سيسهل على المعلم إعدادها وتطبيقها

    ردحذف
  5. اعطونا مثال لاي درس اللي فاهمها

    ردحذف